النقب – تشهد منطقة النقب منذ مطلع الأسبوع الجاري حملة واسعة النطاق أطلقتها رئاسة دائرة أراضي إسرائيل تحت اسم “نسر الجنوب 3”، بمشاركة وحدات من الشرطة ووحدة “السُيّرت الخضراء”، وُصفت رسميًا بأنها “عملية لمكافحة التعديات على أراضي الدولة”، فيما اعتبرتها القيادة العربية في النقب “هجومًا منظّمًا يستهدف الوجود العربي والقرى غير المعترف بها”.
الرواية الرسمية: حماية “أراضي الدولة” باستخدام الذكاء الاصطناعي
وفق البيان الصادر عن رئاسة دائرة أراضي إسرائيل، شارك في الحملة عشرات المفتشين من قسم حماية الأراضي والسُيّرت الخضراء، بمرافقة قوات من وحدة يوآف الشرطية، حيث تم توزيع مئات الإنذارات وأوامر الهدم بحق ما وُصف بـ“الاستيلاءات غير القانونية على أراضي الدولة” في مناطق نفتيم، وادي بئر السبع، وسعوة.
وأشارت الدائرة إلى أن العملية اعتمدت على أنظمة متقدمة من الذكاء الاصطناعي (AI) لرصد “الاعتداءات الجديدة” من خلال صور جوية ومسوح رقمية دقيقة، مما مكّن فرق المراقبة من الوصول إلى “درجة عالية من الدقة وسرعة الاستجابة”.
وقال ينكي كوينت، مدير عام رئاسة دائرة أراضي إسرائيل:
“رَمِي تقود معركة وطنية لحماية أراضي الدولة من التعديات، وسنواصل العمل بحزم وبشراكة مع أجهزة الأمن لإنفاذ القانون وحماية أملاك الجمهور”.
في حين أكدت شيرا تام، مديرة قسم حماية الأراضي، أن:
“عملية نسر الجنوب 3 هي من أضخم عمليات الإنفاذ في السنوات الأخيرة، والتكنولوجيا الحديثة ساعدتنا في تحقيق إنجازات ميدانية دقيقة وغير مسبوقة”.
الرواية النقباوية: “حملة قمع وتهجير تحت غطاء قانوني”
في المقابل، أصدرت القيادة النقباوية الموحّدة – المتمثلة بـ لجنة التوجيه العليا لعرب النقب، المجلس الإقليمي للقرى غير المعترف بها، ومنتدى السلطات المحلية العربية – بيانًا شديد اللهجة، اتهمت فيه الحكومة الإسرائيلية ودوائرها التنفيذية بـ“شن حملة تهدف إلى تهجير السكان العرب البدو ومصادرة أراضيهم التاريخية”.
وقالت القيادة إن “ما تسميه الدولة تعديات على أراضيها هو في الحقيقة استمرار لسياسة التهجير التي بدأت منذ عام 1948، حيث صودرت أكثر من 90% من أراضي العرب في النقب”.
وأضاف البيان:
“بدلًا من الاستثمار في تخطيط وتطوير القرى التي تفتقر إلى الماء والكهرباء والبنية التحتية، تختار الحكومة إنفاق أموالها في القمع والملاحقة والهدم”.
كما أعلنت القيادة عن عقد اجتماع طارئ موسع قريبًا، بمشاركة كل الأطر النقباوية، “لبلورة خطوات نضالية قوية وغير مسبوقة” لمواجهة هذه الحملة وتعزيز صمود الأهالي.
بين الأمن والسياسة: معركة على الأرض والهوية
تأتي حملة “نسر الجنوب 3” في ظل تصاعد التوتر بين الدولة وسكان القرى العربية غير المعترف بها في النقب، حيث يرى الجانب الحكومي أن هذه العمليات ضرورية لحماية “أراضي الدولة ومنع الفوضى العمرانية”، بينما يؤكد ممثلو الجمهور العربي أن الدولة “تستخدم القانون كأداة لانتزاع الأرض من أصحابها الأصليين”.
وفي الوقت الذي توظّف فيه إسرائيل التكنولوجيا المتقدمة لتشديد الرقابة على الأراضي، تتصاعد الأصوات المطالِبة بحلول تخطيطية عادلة وحوار مباشر بدل المواجهة الميدانية، في محاولة لتجنب مزيد من التصعيد الاجتماعي والسياسي في واحدة من أكثر القضايا حساسية في الجنوب.

اكتشاف المزيد من JANOOB
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
